کد مطلب:335849 شنبه 1 فروردين 1394 آمار بازدید:442

السقیفة فی تاریخ الطبری
ذكر الطبری هذه الحادثة بشكل مفصل فی تاریخه ج 2 مطبعة الاستقلال

بالقاهرة سنة 1385 ه‍ - 1929 م - ننقل منه مختصرا علی قدر الحاجة من ص 455 - ص 460 - كالآتی: اجتمعت الأنصار فی سقیفة بنی ساعدة، وتركوا جنازة الرسول یغسله أهله، فقالوا: نولی هذا الأمر بعد محمد، سعد بن عبادة، وأخرجوا سعدا إلیهم وهو مریض.. فحمد الله وأثنی علیه، وذكر سابقة الأنصار فی الدین وفضیلتهم فی الإسلام، وإعزازهم وقال: استبدوا بهذا الأمر دون الناس فأجابوه بأجمعهم أن قد وفقت فی الرأی وأصبت فی القول، ولن نعدو ما رأیت، نولیك هذا الأمر، ثم إنهم ترادوا الكلام بینهم فقالوا: فإن أثب مهاجرة قریش فقالوا: نحن المهاجرون وصحابة رسول الله الأولون ونحن عشیرته وأولیاؤه، فعلام تنازعوننا هذا الأمر بعد؟ فقالت طائفة منهم: فإنا نقول إذا: منا أمیر ومنكم أمیر فقال سعد بن عبادة: هذا أول الوهن.



[ صفحه 351]



سمع أبو بكر وعمر بأمر الأنصار، فأسرعا إلی السقیفة مع أبی عبیدة بن الجراح وانحاز معهم أسید بن حضیر وعویم بن ساعدة وعاصم بن عدی من بنی العجلان، تكلم أبو بكر - بعد أن منع عمر من الكلام - فحمد الله وأثنی علیه ثم ذكر سابقة المهاجرین فی التصدیق بالرسول دون جمیع العرب، وقال: (فهم أول من عبد الله فی الأرض وآمن بالرسول، وهم أولیاءه وعشیرته وأحق الناس بهذا الأمر من بعده ولا ینازعهم ذلك إلا ظالم). ثم ذكر فضیلة الأنصار، وقال: (فلیس بعد المهاجرین الأولین أحد عندنا بمنزلتكم فنحن الأمراء وأنتم الوزراء). فقام الحباب بن المنذر وقال: یا معشر الأنصار أملكوا علیكم أمركم فإن الناس فی فیئكم وفی ظلكم، ولن یجترئ مجترئ علی خلافكم ولا تختلفوا فیفسد علیكم رأیكم، وینتقض علیكم أمركم. فإن أبی هؤلاء إلا ما سمعتم فمنا أمیر ومنهم أمیر. فقال عمر: هیهات! لا یجتمع اثنان فی قرن واحد والله لا ترضی العرب أن یؤمروكم ونبیها من غیركم، ولكن العرب لا تمتنع أن تولی أمرها من كانت النبوة فیهم، وولی أمورهم منها، ولنا علی من آمن الحجة الظاهرة والسلطان المبین، من ذا ینازعنا سلطان محمد وإمارته ونحن أولیاؤه وعشیرته إلا مول بباطل أو متجانف لإثم أو متورط فی هلكة؟! فقام الحباب بن المنذر وقال: یا معشر الأنصار أملكوا علی أیدیكم ولا تسمعوا مقالة هذا وأصحابه فیذهبوا بنصیبكم من هذا الأمر، فإن أبوا علیكم ما سألتموهم فأجلوهم عن هذه البلاد وتولوا علیهم هذه الأمور فأنتم والله أحق



[ صفحه 352]



بهذا الأمر منهم فإنهم بأسیافكم دان لهذا الدین من لم یك یدین به. أنا جذیلها المحكك وعذیقها المرجب. أما والله لو شئتم لنعیدنها جذعة. قال عمر: إذا یقتلك الله. قال: بل إیاك یقتل. فقال أبو عبیدة: یا معشر الأنصار، إنكم كنتم أول من نصر وازر فلا تكونوا أول من بدل وغیر. فقام بشیر بن سعد الخزرجی أبو النعمان بن بشیر فقال: یا معشر الأنصار إنا والله لئن كنا أولی فضیلة فی جهاد المشركین، وسابقة فی هذا الدین، ما أردنا به إلا رضا ربنا وطاعة نبینا والكدح لأنفسنا فما ینبغی لنا أن نستطیل علی الناس بذلك ولا نبتغی به من الدنیا عرضا فإن الله ولی النعمة وأولی، وأیم الله لا یرانی الله أنازعهم هذا الأمر أبدا فاتقوا الله ولا تخالفوهم ولا تنازعوهم. فقال أبو بكر: هذا عمر، وهذا أبو عبیدة، فأیهما شئتم فبایعوا. فقالا: والله لا نتولی هذا الأمر علیك... وقام عبد الرحمن بن عوف، وتكلم فقال: یا معشر الأنصار إنكم وإن كنتم علی فضل فلیس فیكم مثل أبی بكر وعمر وعلی، وقام المنذر ابن الأرقم فقال: ما ندفع فضل من ذكرت، وإن فیهم لرجلا لو طلب هذا الأمر لم ینازعه فیه أحد - یعنی علی بن أبی طالب -. (فقالت الأنصار أو بعض الأنصار: لا نبایع إلا علیا). (فقال عمر: فكثر اللغط وارتفعت الأصوات حتی تخوفت الاختلاف قلت: إبسط یدك لأبایعك، فلما ذهبا لیبایعاه، سبقهما إلیه بشیر بن سعد فبایعه.



[ صفحه 353]



فناداه الحباب بن المنذر: یا بشیر سعد عققت عقاق! أنفست علی ابن عمك الإمارة؟ فقال: لا والله، ولكنی كرهت أن أنازع قوما حقا جعله الله لهم ولما رأت الأوس ما صنع بشیر بن سعد وما تدعوا إلیه قریش وما تطلب الخزرج من تأمیر سعد بن عبادة قال بعضهم لبعض - وفیهم أسید بن حضیر وكان أحد النقباء -: والله لئن ولیتها الخزرج علیكم مرة، لا زالت لهم علیكم بذلك الفضیلة ولا جعلوا لكم معهم فیها نصیبا أبدا، فقوموا فبایعوا أبا بكر فقاموا إلیه فبایعوه، فأنكر علی سعد بن عبادة وعلی الخزرج ما كانوا اجتمعوا من أمر... فأقبل الناس من كل جانب یبایعون أبا بكر وكادوا یطأون سعد بن عبادة. فقال أناس من أصحاب سعد: اتقوا سعدا لا تطأوه. فقال عمر: اقتلوه قتله الله. ثم قام علی رأسه فقال: لقد هممت أن أطأك حتی تندر عضوك. فأخذ قیس بن سعد بلحیة عمر فقال: والله لو حصصت منه شعره ما رجعت وفی فیك واضحة. فقال أبو بكر: مهلا یا عمر! الرفق ها هنا أبلغ. فأعرض عنه عمر. وقال سعد: أما والله لو أن بی قوة أقوی بها علی النهوض لأسمعت من فی أقطارها وسككها زئیرا یحجرك وأصحابك، أما والله إذا لألفینك بقوم كنت فیهم تابعا غیر متبوع احملونی من هذا المكان فحملوه فأدخلوه فی داره. أقول: هذه الحادثة لا تحتاج إلی شرح وتعلیق فهی بنفسها تكشف عن كیفیة



[ صفحه 354]



تولی أبی بكر للخلافة. أین هی الشوری التی تنسجم مع الحوار والتفاهم العقلانی؟! هل الشوری تتم فی سقیفة أو فی مزرعة خارج المدینة. ولماذا؟ لا تتم فی مسجد رسول الله صلی الله علیه وآله الأولی بانعقاد الأمر فیه لماذا تتم فی مزرعة خارج عن المدینة؟ وجسد الرسول صلی الله علیه وآله مسجی بعد لم یدفن. فأین أبو بكر وعمر (رض) لماذا لم یشهدا دفن الرسول ولا تغسیله ولا تجهیزه حیث كانوا مشغولین بمتاعب الانقلاب [1] ومن باب أولی أن لا یشهد الغسل والتكفین والتجهیز، عائشة زوجة النبی فقد قالت: (ما علمنا بدفن النبی حتی سمعنا صوت المساحی من جوف اللیل لیلة الأربعاء) [2] .

هل هناك عاقل یسمی هذا الأمر شوری؟! فقول سعد: استبدوا بهذا الأمر دون الناس، أجابوه، أن قد وفقت فی الرأی وأصبت فی القول، نعدوا ما رأیت. وقول عمر: من ذا ینازعنا سلطان محمد وإمارته. وقول الحباب: املكوا علی أیدیكم ولا تسمعوا مقالة هذا وأصحابه فیذهب بنصیبكم من هذا الأمر.



[ صفحه 355]



فكل هذه الكلمات من الطرفین تجد أن القوم یرید سلطة وجاها. بالإضافة إلی المفردات الحادة التی صدرت من عمر لسعد بن عبادة: اقتلوه قتله الله. وقول عمر للحباب: قتلك الله. وقام قیس بن سعد لعمر وهو ماسك بلحیته: والله لو حصصت منه شعرة ما رجعت وفی فیك واضحة. هل هذا مستوی الشوری یا مسلمون؟!!


[1] كنز العمال: 3 - 140 تجد أنهما لم يشهدا الدفن.

[2] سيرة ابن هشام: 4 - 344، تاريخ الطبري: 2 - 452 و 455 طبعة أوروبا، تاريخ ابن كثير: 5 - 270، ابن الأثير في أسد الغابة: 1 - 34 في ترجمة الرسول، وطبقات ابن سعد: ج 2 ت 2 - 78، وتاريخ الخميس: 1 - 191، تاريخ الذهبي: 1 - 327، مسند أحمد بن حنبل: 6 - 62.